يولي الشعب الموريتاني لرابطة الزواج أهمية خاصة جعلتها تقوم على طقوس وقواعد مألوفة صاحبتها طيلة حياته البدوية، وصانها بنوع من التقديس وأحاطها بسياج من الاهتمام.
وكانت مدة الاحتفال بالزواج تستغرق سبعة أيام كاملة، ثم ما لبثت أن تغيرت بتغيرات ظروف سكناه ومعيشته وتمدنه إلى ثلاثة أيام، وتحولت أخيرا على حفل ساهر قد يستغرق ليلة واحدة بطقوس مختلفة ومحددة.
يذكر أن الزواج يختلف في طقوسه ومراسيمه من مجتمع لآخر، ومن جهة لأخرى بل نلاحظ أحيانا بعض الاختلاف حتى داخل القبيلة والمجتمع الواحد، أي من أسرة لأخرى، بل نلاحظ أحيانا بعد الخطوط غير المتقاربة بشكل كبير. وسنحاول ذكر أهمها دون المرور على الجزيئات التي يبقى الخيار لمعرفتها للبحث الميداني.
الخطوبة :
تميزت الخطوبة عبر فترات التاريخ المختلفة أنها كانت تتم عن طريق أم الفتى التي تختار له زوجة المستقبل، وقد لا يكون على معرفة مسبقة بها قبل الإقدام على طلب يد الفتاة ثم تبدأ الاتصالات بين الأسرتين بهذا الخصوص ويتأكد الأمر.
ويكون الاقتراح والقبول مبني غالبا على اعتبارات قبلية نظرا لدور الزواج في التلاحم الأسري.
المهر
ومن العادات الموريتانية الأصيلة أن لا يتم الاتفاق بشأن المهر بين عائلتي العروسين قبل العقد لأنه يبقى من شيم الكرم والمروءة والفخر باعتباره مودة وتقدير لا ثمنا يدفع مقابل شراء بضاعة. ويقدم بعد عقد القران في اليوم الذي اتفق عليه ليكون يوم الاحتفال بالزواج.
تجهيز العروس
قبل زفاف العروس تقوم النسوة بتزيينها وتشكيل ضفائرها بشتى أنواع الحلي بمختلف الروائح الطيبة المصنوعة محليا ويتضمن مسحوق الأعشاب العطرة كالخميرة وإرشوش، .....بمحامل الطيب المسماة: لحفايظ، وتزين نحرها بالقلائد المشكلة من الأحجار الكريمة والفضة والذهب، كالصرع والكلادة والبغداد وغير ذلك، كما تحلي معصميها بالأساور المسماة الليات والأرساغ وتضع في رجليها الخلاخل الفضية الراقية الصنع العالية الثمن التي أبدع الصانع التقليدي في إتقانها.
مراسيم الزفة
تقام مراسيم الزفاف في بيت الزوجة ثم تزف إلى زوجها محمولة إلى خيمة تؤسس لهذه الغاية على بعد خطوات من الساكنة تسمى خيمة الرك وتعزف لها أغاني جيدة تنطوي على تربية ونصائح ووصايا تعينها على حياتها الجديدة، وفي هذه الأيام يتوجه موكب العرس إلى شقة مفروشة يتم إيجارها من طرف العريس.
ليلة الترواغ
تقوم هذه العادة على نوع من استجلاء شوق العروس لعروسه ومدى اهتمام أصحابه ويقظتهم حتى لا تفوز عليهم النسوة بتدبير هذه المكيدة.
ارحيل
كانت العروس لا ترحل من بيت أبويها حتى تنجب ولدا أو ولدين ويكنى عن ذلك بقولهم: إتعادلْ إشڭوڭها بمعنى تعادل شقيها أي حتى تتمرس على تربية الأبناء وتحمل أعباءهم وتكتسب خبرة في ذلك من منشئها قبل أن تغادره، أما في الوقت الحالي فأصبحت الزوجة ترحل إلى مكان زوجها في الوقت الذي تم الاتفاق عليه أثناء التحضير للزواج، رغم أن البعض مازال يشترط سنة كأقل تقدير.
في اليوم الذي تغادر فيه الزوجة بيت أهلها تقضي النهار في بيت أبيها مصحوبة بجماعة من أصهارها وصديقاتها والمقربات منها ، ثم تعود لتقضي نفس الليلة في بيت زوجها ، على أن يتم إلحاق" الرحيل" بها ، وهو عبارة عن الأثاث والخيمة والإبل وغيرها من الأشياء الثمينة التي تحملها من بيت والديها...
الفسخة
هي مجموعة من الأشياء الثمينة المتنوعة تشمل أواني و أفرشة وأغطية وحلي تتخلى عنهم العروس بمجرد وصولها لبيت الزوجة للاستقرار لصالح أصهارها مودة وتقديرا.
وقد كانت لها دلالة قوية وتعبير أسمى عندما كان الحصول على الحاجة ضنينا ونادرا. فما كل شيء متوفر بالشكل الذي هو عليه اليوم، ولذا فكل هبة من هذا النوع لأقرباء الزوج بما في ذلك عمومته وخؤولته يعتبر تقديرا كبيرا واعتبارا متميزا بحسب الزوجة وأهلها، ويقوي أواصر الصحبة بين المتصاهرين.