Logo
تابعونا على

الساحة الكبيرة "ميدان أكثر الألعاب شعبية في موريتانيا"

الساحة الكبيرة" في نواكشوط، ليست معلمة تاريخية، ولا تحتوى تمثالا لجندي مجهول ولا معروف، هي ببساطة ميدان للعبة موريتانية شعبية، لا أكثر ولا أقل.

عند ساعات المساء الأولى، يتحلق رجال من كبار السن في وسط العاصمة الموريتانية نواكشوط، إضافة إلى بعض الشباب، من محبي لعبة ظامت الشعبية، في فضاء التنوع الثقافي والبيئي بالقرب من المكتبة الوطنية، هو تجمع يومي.. هنا تحتدم المعارك والمراهنات.

لا يلعب اثنان فقط، كما في الألعاب الفردية التقليدية، الجميع هنا يدلي بآرائه في دعم أحد اللاعبين، لا متفرج هنا.. وهنا أيضا ميدان للكر والفر.. هنا سلطان وجيش، تماما كما في الشطرنج، وإن لم تكن هناك التقسيمات الإدارية في اللعبة التي اكتشفها الهنود لحل مشاكل خلافاتهم على الأقاليم الصغيرة.

في الشطرنج هناك 32 قطعة، لكن في ظامت أو (أصرند)، هناك 80 متحاربا، نصفهم من العيدان والنصف الآخر من الحجارة.. كان في الماضي من بعر الإبل، "ظامت لعبة ذهنية لا تقل إتعابا للدماغ عن الشطرنج" يعلق محمد الشيخ الستيني، الذي يدمن اللعبة منذ أربعين سنة.

"ظامت" الشطرنج ببصمات موريتانية
وفّر ميدان لعبة "ظامت" فرصة للقاء يومي بين الجيران، وساهم في تعريف بعضهم بالبعض.. يتحول الميدان أحيانا كثيرة إلى منتدى سياسي، وآونة يتلون بأصباغ أدبية، "نقوم بزيارة من تغيب عن اللقاء لعل أن يكون مريضا، ونستفسر من يوالي التغيبات بدون مبررات مقنعة"، يعلق سيدي محمد.

هي هيئة إدارية على ما يبدو، لقد نصب عشاق ظامت سيدي محمد السبعيني القادم من ألاك بوسط موريتانيا منذ عقدين، عميدا للميدان، عند حدوث نزاعات حول أولوية اللعب، وهو أمر نادر الحدوث، يتدخل العميد لحل المشكل.

الاتهامات برداءة اللعب أمر اعتيادي هنا، وكثيرا ما اندلعت مفاضلات بين لاعبين، كانت نتيجتها انقساما بين رواد الساحة، انقسام بطبيعة الحال لا يفسد للود قضية.

تبدأ المعركة تقليدية ورتيبة، "مقاتلةٌ" ـ العبارة من قاموس ظامت ـ محفوظة، يندر الخروج عليها، بعد ذلك يجيئ دور الشخص، وتتجلى قدرته على الهجوم، واختراق تحصينات الخصم، من تقاليد ظامت أن لكل واحد من اللاعبين هناك نصف ملعب (زر حسب مصطلحاتهم) يلعب عليه، والهدف هو الوصول إلى الخط الخلفي للخصم، حينها "يظيم" اللاعب، وتسمى قطعته "سلطانا"، لها ميزة القفز على كل الخطوط ما دام الاتجاه مستقيما.

في "ظامت" لا مجال للرجوع إلى الخلف، هو أمر محظور، اللهم إلا إذا كانت هناك فريسة "تنتظر أجلها"، كما أن القفز على الخطوط محرم، ويسمى هنا "قطع اشكال".

هي لعبة تشجع الإقدام والشجاعة، لكن يجب أن تكون كل الخطوات محسوبة، لا يوجد مجال زمني محدد للعبة، يمتلك اللاعبان الحق في التفكير كما يشاءان.. وكثيرا ما تكون المباراة بين لاعبين "مخضرمين" طويلة جدا.

تنتهي المعارك مع حلول الظلام.. يتفرق عشاق الظامت، على أمل اللقاء في الغد، في مواجهة لاحقة.

ـــــــــــــــــــــــ
من أرشيف جريدة الأخبار