Logo
تابعونا على

موسيقى إيكاون .. الخلفية والمقامات

تعتبر موسيقى إيكاون موسيقى شعبية لأنها تحترم وتستقبل في جميع الأوساط لكن التيدينيت التي هي آلة الرجل، وآردين الخاص بالمرأة المطربة لهما خصوصيتهما التي لا يتم هضمها بسهولة من طرف العامة.
إن هذه الموسيقى هي بمثابة خليط خاص من النغمات الموسيقية ذات طابع بنيوي تتضح فيه الخلفية الإسلامية العربية وخاصة الأندلسية وشمال إفريقيا. ولهذا الفن محترفوه الذين يوجدون في كافة الجهات الموريتانية، ويعتبر التطور النغمي لهذه الموسيقى - كما يفهم من مقاماتها - عائد إلى خلفيات ثقافية تقليدية ضاربة في أعماق الثقافة العربية المنصهرة في فترة النضج مع الثقافة اليونانية القديمة التي تجعل الفن عبارة عن ظلال للسلوك النفسي الإنساني. إن الموسيقى الموريتانية تنقسم إلى أربعة مقامات شبه متدرجة مع الطبيعة البشرية.
فالمقام الأول: ويطلقون عليه: كر فنغماته منسجمة عندهم مع بداية عمر الإنسان: المراهقة والشباب، وتغنى فيه المدائح الدينية وأشعار الفرح والرغبة، وهو نقطة الانطلاق والتأسيس عند المجتمع الإسلامي .
أما المقام الثاني: فينسجم مع القوة والفتوة والرجولة ومع ميادين الشجاعة والبطولة، وتغنى فيه أناشيد الحرب واستعظام النفس والرقص المنسجم مع ذلك ويدعونه: فاغو.
المقام الثالث: يكون منسجما مع مرحلة النضج وتقدير العواقب وما يعتري ذلك من الحب والحزن ويدعونه: سنييمه.
المقام الرابع: وهو منسجم مع الكهولة والشيخوخة وتنشد فيه أشعار الذكريات واستحضار الماضي
وكل هذه السجايا مجتمعة تمثل خفايا النفس الإنسانية في كل عمر إنساني.

ظاهرة البياض والسواد:

يقسم الموريتانيون موسيقاهم في سلم موسيقى في نغمات خماسية متناسقة ذات قوانين منضبطة من أربع درجات كل درجة تسمى بحرا وكل بحر ينقسم إلى ثلاث جوانب (طرق) بما مجموعه : 12 نغمة كاملة × 2 = 24 نغمة.
فالبحر الأول وهو كر تندرج تحته ثلاث طرق (جوانب)
1-
الكحلاء: وكل طريق لها: ما يسمى بالظهر والرديف: الظهر هنا يسمى: انتماس، والرديف يسمى: سين كر.
2-
البيضاء: فالظهر هو مكه موسى، والرديف: الفائز
3- المختلطة: وتسمى ازراڤ بزاء مفخمة وهو في الاصطلاح الموريتاني اختلاط اللون الأبيض مع اللون الأسود، فهذه الطريقة من بحر (كر). ظهرها: يدعى، انوفل وليس لد رديف.
أما البحر الثاني: وهو: فاقو فتندرج تحته أيضا ثلاث طرق وهي:
1-
الكحلاء: فالظهر منها يسمى تن أجوڤَ والرديف يسمى: سين فاقو
2- البيضاء: والظهر منها السروزي، والرديف يسمى الحر
3- الطريق المختلطة: الزرقاء: الظهر يسمى: فاقو لكبير (أمادش)

البحر الثالث: ويدعى سنيمه: ينقسم هذا البحر إلى:
1-
اكحال: ظهره يسمى: هيبه
وازراك يسمى: الراشڤه
وابياظه يسمى: مقجوگه
2- الابياظ: الظهر يسمى مقكوكه واظهر يسمى جينه، والرديف يسمى: لكتري
3- المختلطه: الزرقاء: عندها فقط ظهر يدعى منجلَّه
والبحر الرابع: ويدعى لبتيت وهو تصغير للبت وهو المقام المنسجم مع استرجاع الذكريات
1- طريقه الكحلاء: فظهرها: يدعى أعظال، ورديفه: يدعى المصري،
2- الطريق البيظاء: ظهره يدعى لعتيق
3- المختلطة (الزرقاء): تدعى بيكي المخالف ومن المهم التذكير بأن كل طريق يبدأ عزفها بما يسمى أنكري وجمعه آنكاره، وهو من النقر ومعناه الدخول والتهيؤ لخلق ما يسمى "آزاي" بزاء مفخمة وهو واسطة صوتية موسيقية بين أنكري ولعبار وهو نهاية النغمة.

إن النظر إلى جوانب الموسيقى الموريتانية بالألوان الطبيعية المحلية ليس صدفة بل ناتج عن شفافية ثقافية مبنية على الصدق والانسجام مع النفس والناس والبيئة، فيقول المؤرخ الاجتماعي: المختار ولد حامد: "وتحت كل ظهر نغمات وألحان مختلفة، وفي كل ظهر ثلاثة ألوان (طرق): لون أبيض يغلب فيه أسلوب العرب، ولون أسود يغلب فيه أسلوب السودان ولون مركب منهما، وأقوى منهما جميعا" ولذلك فإن الموسيقى الموريتانية ما تزال تشكل حقلا غنيا للدراسات التاريخية والاجتماعية المعبرة عن إبداع وعمق وانسجام هذا الشعب داخل حضارته المتعددة الأبعاد.
إن هذه النغمات الأربع والعشرين الملونة بهذه الألوان الثلاث: البياض والسواد، والزرقة تتفق عليها كافة الجهات الموريتانية، رغم اختلافات بسيطة في تسمية بعض الجوانب، فالجميع يتفق على أن الوحدات النغمية تبدأ من البحر فالظهر فالرديف، فالشور وأخيرا الردة.
ويلاحظ أن مصطلحات هذه الموسيقى يتداخل فيها المصطلح الزنجي بالمصطلح الصنهاجي بالعربي سواء فيما يتعلق بالآلة وأجزائها، أو أسماء المقامات واللوازم الموسيقية "كما أن الموسيقى يعبر عنها بصفة عامة باصطلاحين أحدهما مشتق من اللغة العربية وهو الهول ومن معانيه: معجميا الألوان المختلفة الجميلة الممتعة المؤثرة في النفس وثانيهما آزوان وهي العبارة الأكثر شعبية ومشتقة من اللغة الصنهاجية وهي من (انْزَ) وتعني صوت و (أوين) وتعني الكلام أي بمعنى صوت الشعر أو عزف الشعر ، كما أن الآلة الرئيسية للموسيقى الموريتانية وهي التدنيت فمشتقة من تيدَ إن إيذ ومعناه آلة العزف. أما الأجزاء فيتداخل فيها المصطلح العربي بالصنهاجي