يذهب أغلب النقاد ومؤرخي الأدب العربي، إلى تصنيفه وفق مراحل زمنية، تنظر إلى فترة القرنين الثاني عشر والثالث عشر الهجريين (18 و19 الميلاديين)، باعتبارها مرحلة انحطاط وتقهقر للأدب العربي عموماً، والشعر خاصة. لكن دارسين يأخذون على هذا التصنيف أنه يقصر نظره على الحيز الجغرافي المشرقي، ويتجاهل منطقة المغرب عموماً، والشعر الموريتاني الشنقيطي على الخصوص، باعتبار أن الشعر الشنقيطي في هذه المرحلة (القرنين 12،13 الهجريين)، شهد ازدهاراً وتطوراً بارزين، ينفيان عنه صفة الانحطاط ، ويرى هؤلاء أن إخراجه من السياق العام لتاريخ الأدب العربي، يعد قصوراً بالغاً، ويقدم صورة ناقصة لصيرورة الشعر العربي .
من هؤلاء باحثون موريتانيون، أمثال الدكتور محمد المختار بن أباه (1987)، والدكتور المرحوم جمال بن الحسن الذي خصص أطروحته للشعر الموريتاني في القرن الثالث عشر الهجري (طبعت 1995)، والدكتور محمد بن أحمد المحبوبي (2014)، وغيرهم. لكن هؤلاء سبقهم باحثون عرب آخرون، مثل المؤلف اللبناني يوسف مقلد في كتابه «شعراء موريتانيا القدماء والمحدثون» (بيروت 1962)، والباحث العراقي عبد اللطيف الخالدي (مجلة العربي الكويتية، أكتوبر 1967). وخلاصة ما يذهب إليه هؤلاء، أن الشعر الموريتاني «حلقة مفقودة في تاريخ الأدب العربي»، وأن «الأحكام المتداولة في تاريخ الأدب العربي، قائمة على تدوين ناقص ينطلق من المركز ويتجاهل الأطراف».
ولسنا هنا بصدد تقييم هذه الآراء أو إلقاء اللوم على طرف بعينه، وإن كان الموريتانيون أنفسهم يتحملون جزءاً كبيراً من مسؤولية عدم التعريف بأدبهم . لكننا نأمل أن يتصدى باحثون متخصصون، لدراسة هذه النظرية، وإعادة بناء صورة أكثر واقعية وشمولية لمسار الأدب العربي بكل جوانبه وتجلياته، بعد أن أصبحت وسائل البحث أيسر والمراجع أوفر. ولعل هذه تكون بداية لإعادة النظر في مجمل التاريخ العربي، وتنقيته من الشوائب والأهواء ونقص المعلومات.
عبد الله إسحاق ( ولد الشيخ سيديا)
البيان الاماراتية- ننشره بالاتفاق مع الكاتب
م/ب