يعود تاريخ مدينة ولاتة إلى القرن الأول ميلادي حيث كانت تعرف ب "بيرو"، وتوصف خلال حقبة الملثمين ب إيوالاتن أو أيوالاتن.
عرفت ولاتة ازدهارا كبيرامع مجيء الإسلام حيث كانت محطة للتجار والقوفل القادمة من جنوب أفريقيا متجهة إلى الشمال.
وقد زارها الرحالة المسلم ابن بطوطة وتحدث عن الازدهار الشديد الذي كانت تعرفه المدينة بحكم موقعا الأستراتيجي كنقطة وصل بين الاقاليم الأفريقية في الجنوب وبين الدولة الإسلامية في الشمال حبث وصف رخاء معيشة اهلها بقوله (ويجلب إليهم تمر درعة، وسجلماسة، وتأتيهم القوافل من بلاد السودان فيحملون الملح ويباع الحمل منه بولاتن بثمانية مثاقيل إلى عشرة ويباع في مدينة مالي بعشرين مثقالا وربما يصل إلى اربعين مثقالا وبالملح يتصارفون كما يتصارف بالذهب والفضة يقطعونه قطعا ويتبايعون به).2(الرحلة ص 658)
وتميزت ولاتة في القرن السادس عشر الميلادي بأنها من أهم مراكز الاشعاع الثقافي العربي الإسلامي، وهاجر إليها عدد كبير من علماء مدينة تومبوكتو التي عرفت قلاقل وفي نفس الظروف هاجر إليها علماء ومفكرون من فاس وتلمسان ومراكش، كما استقر بها بعض أهالي توات بجنوب الجزائر، وبعض العائدين من الأندلس التي سقطت نهائيا بيد الأسبان عام 1492.
العمارة الولاتية
تتميز البيوت الولاتية بفن عمارة خاص بها مستوحى من العمارة العربية الإسلامية خاصة منها الأندلسية والمغربية، ويبدو ذلك من طراز مواد البناء، وأيضا في أنواع الزخرفة مع جنوح إلى البساطة بعض الشيء وميل إلى استخدام الخامات المحلية من فخار وجص وجليز وحجارة ملونة عالية الجودة تضمن قوة البناء وانسجامه مع المشهد البيئي العام الذي وضع ولاته فوق مرتفعات الحوض جاثمة بجلالها لقلعة تحرس هدوء الصحراء وتتبرج بجمالها في وجه المرتفعات الشامخة. وقد حاول باحثون غربيون وموريتانيون تفسير معاني لوحات الفسيفساء التي تزين جدران ومداخل البيوت الولاتية، وقد اتفقوا على عودة بعضها لفترة ما قبل الإسلام بما يحمله من اساطير وثنية في حين ان بعضها الآخر إسلامي مغربي أندلسي الملامح لحد يجعل البعض يعتقد أنه جلب من فاس أو تلمسان وهو أمر يكاد يكون متعذر الاثبات أو النفي على حد سواء.
ويتمتع البيت الولاتي بنوع من التهوية الطبيعية وذلك بتقليله من الأبواب، فلكل منزل بابان لا أكثر أحدهما مخصص للرجال والضيوف، والاخر للنساء والحريم عامة، كما أن في كل بيت مجلسا يسمى محليا (درب) وهي إشارة إلى موقعه كأقرب مكان من باب الشارع حتى لا تقع عين الزائر على الحريم، وللحريم أيضا مجلس يكون بابه داخليا أي متفرعا من إحدى الغرف فقط ويسمى (السقفة) ولا يخلو بيت من دور علوي يسمى (القرب)، والسلم الصاعد إليه يكون متسعا لحد يسمح بفناء تحته توضع فيها قدور الماء لتبقى باردة.
الولي بودمعة والأسود
تعد قصة مجيء ولي الله الصالح سيدي أحمد البكاي بودمعة إلى مدينة ولاته مطلع القرن الخامس عشر الميلادي. من أهم القصص التاريخية التي يحكيها أهل ولاتة وتقول الحكاية ان سيدي أحمد سمي البكاي بودمعة لأنه ظل لشدة تقواه وعبادته ظل مدة اربعين سنة يبكي لأن نافلة فاتته، وعندما جاء من الشمال نازحا مع مريديه، نزلت قافلته خارج سور ولاته مساء، وكان السور يغلق عند مغيب الشمس وكل من كان موجودا خارجه تأكله السباع، وبدافع النصيحة اسرع الأهالي لتنبيه الولي ومريدي، لكنه رفض مبارحة مكانه، وجاءت السباع، وظلت تبصص عند قدميه بأذنابها مسلمة عليه، ولدهشة أهالي ولاته في الصباح عندما وجدوه حياً، طلبوا منه الاقامة معهم، وعندها انتفت السباع نهائيا من المنطقة. ومزار البكاي موجود في ولاته وهو أحد المعالم الإسلامية وبأحوازها التي تزخر بالكثير من المعالم والمزارات الأخرى الكثيرة.
في ولاتة آلاف المخطوطات الثمينة
تتميز ولاتة بنشاط المكتبات المدعومة لحد من المعهد الموريتاني للبحث العلمي واليونيسكو وهذا ما سمح بتصنيف بعض مكتباتها التي تحوي آلاف المخطوطات الثمينة التي لا تقدر بثمن غير أن البعض الآخر ما زال عرضة للإهمال ويعيش حالة مزرية تهدده.