توفي عنه والده وهو في الثامنة من عمره وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية في الإمارة بعثت به والدته العربية الأصيلة عيشة بنت عليه ولد أحمد اللبية وخال أبيه أحمد بن الناقظ بن البرناوي العمني إلى الشيخ ماء العينين في سمارة العلم والجهاد حفاظا على حياته من الصراعات الدائرة أنذاك في
إمارة "أدرار" أخذ العلم في مدرسة الشيخ ماء العينين , فحفظ القران ودرس النحو واللغة والفقه والسيرة النبوية وايام العرب , والتاريخ , فصار متضلعا من مختلف العلوم , ومن كبار الادباء , يقرض الشعر الفصيح وإن كان قد اشتهر اساسا بالشعر الحساني وفاق فيه الاقران , وهو في مزاوجته للإمارة والشعر يشبه إلى حد كبير ابن المعتز العباسي ...
كان الشيخ ماء العينين يوليه عناية خاصة , حيث كان يتفقد أماكن نومه , وطريقة دراسته .وبما أن الأمير سيدي أحمد كان في سن إثنين من أبناء الشيخ وهما الشيخ مصطافي ومحمد بو الانوار فقد كان الثلاثة مترافقين في الدراسة والنوم ...
كان الشيخ ماء العينين في بعض الأحيان يتولى تعليمه بنفسه ,مما جعله متفوقا في كثير من العلوم , بعد أن مكث ست سنين في معية شيخه ماء العيون عاد الأمير سيدي أحمد ولد أحمد ولد عيده إلى أدرار وتولى مقاليد الحكم وزمام المبادرة هناك وقاد عدة معارك ضارية ضد جحافل الفرنسيين القادمين من الجنوب ,وبعد بلائه البلاء الحسن في معارك مشهورة في "تكانت" و"نشيري" و"آدرار" وبعد سقوط مدينة أطار بيد الجيش الفرنسي سنة 1909 ,إتخذ الأمير المجاهد من شمالي "تكانت" وبالضبط في " تيشيت" قاعدة إنطلاق لهجماته المنظمة ضد قوافل الجيش الاستعماري والتي كانت تستهدف أساسا تدمير طرق التموين ...
فما كان من الفرنسيين إلا أن أعدوا قوة ضخمة للقضاء عليه فاشتبك معها في قتال شرس انتهى بسقوطه جريحا في ساحة المعركة بتيشيت سنة 1912 ليحمله الفرنسيون اسيرا إلى مدينة "سانت لويس" حيث سجنوه , وفي مدة سجنه راودوه على التخلي عن المقاومة ومهادنة الاحتلال الفرنسي مقابل وعود وعروض سخية , لم تكن لتنال من عزيمة الأمير الجريح , وبعد مدة عاد لإمارته في "ادرار " إستجابة لمطالب عشائر الإمارة وذلك في شهر أبريل سنة 1913...
و على الرغم من سيطرة القوات الفرنسية على إمارته إلا ان الأمير سيدي أحمد ظل يضمر لهم العداء ووجد الفرنسيون عنده رسائل تثبت تنسيقه مع السلطان المجاهد الشيخ أحمد الهيبة بن الشيخ ماء العينين ...
بعد سنوات من الخضوع الظاهري لسلطة المستعمر قرر الأمير سيدي أحمد أن يهاجر إلى الشمال ليلتحق ببقية المجاهدين المرابطين في ثغور المقاومة ففطن الفرنسيون لنوايا الأمير الذي تظاهر بالخروج إلى المراعي وأرسلوا معه فرقة لحراسته بقيادة الملازم ميسات لكن الأمير سيدي أحمد كان قد أعد خطة محكمة للتخلص من فرقة المراقبة بمساعدة من مرافقه المجاهد محمد أحمد ولد خطور العمني ,فقاموا قومة رجل واحد وبشكل منسق ومباغت بإبادة الفرقة الفرنسية التي لم ينجوا منها سوى فرد واحد وهو الذي اوصل المعلومات إلى مركز القيادة في أطار لينطلق النقيب لوكوك على رأس وحدة عسكرية بكامل تجهيزاتها في أثر قافلة الأمير ليلتحقوا بهم في منطقة وديان الخروب يوم 19 مارس سنة 1932 ,ورغم قدرة المجاهدين على مواصلة المسير والنجاة بارواحهم إلا أن انفة الأمير المجاهد سيدي أحمد ورفاقه الشجعان فرضت عليهم البقاء لمقارعة العدو الغازي الذي يفوقهم عدة وعتاد فحدث الإشتباك العنيف الذي انتهى بعد ساعات بإستشهاد الأمير البطل سيدي أحمد بن عيده وعدد من رفاقه ...
قام النقيب الفرنسي لوكوك بالتمثيل بجثة الشهيد حيث أمر أحد جنوده السينغاليين بقطع رأس الامير وحمله إلى والدته المؤمنة الشجاعة عيشة بنت أغموك اللبية قائلا لها :هل تعرفين صاحب هذه الرأس فردت عليه بكلمتها المشهورة نعم اعرفه وبكل فخر أنه إبني الذي مرق انوفكم في الرمال اكثر من مرة وهزمكم في تجكجة واماطيل وحمدون وغيرها ولايضر روحه تمثيلكم بجسده الطاهر فروحه عادت إلى بارئها فموتوا بغيظكم ...
قامت جماعة من المجاهدين بقيادة الشيخ يخليهنا ولد الشيخ الولي (الذي توفي مؤخرا بالقرب من نواذيبوا) بنقل مخيم الأمير إلى مدينة الطرفاية التي كانت تحت سيطرة قوات السلطان الشيخ مربيه ربه ولد الشيخ ماء العينين حيث توفيت والدة الأمير الشهيد السيدة عيشة بنت غموك ودفنت هناك ...
رحم الله أمير الشهداء الشاعر الفقيه الشهم البطل سيدي أحمد ولد أحمد ولد عيده ووالدته السيدة الماجدة وكل شهداء وأبطال المقاومة ...
وكل ذكرى للشهداء وأنتم على درب الحرية والكرامة سائرون ...
أعلي الشيخ ولد الحضرمي