هو الولي الكبير و القطب الشهير : سيدي محمود بن المختار بن عبد الله بن حبيب الله بن النجيب بن محمد المختار بن محمد النجيب بن أبجه , ولد في "وادان" من أسرة نبيلة اشتهرت بالعلم و الفضل و الصلاح.
و قد هاجر لمرابط سيدي محمود إلى "لعصابه" في القرن الحادي عشر الهجري , و في ذلك يروي المختار ولد حامدن قصة هجرة لمرابط سيدي محمود إلى الجنوب في السياق التالي : ( .. و من كرامته التي بقي ذكرها حتى الآن أنه كان في بعض أيامه محزونا لحادث كان بين أخيه "با حـْمـَدْ" ( و أشخاص آخرين ..) فهتف به هاتف :
إذا كنتَ في أرض يهينك أهلها
و لم تك ذا عز بها فتحول
فقال : أين موضع العـِزّ؟ فقال الهاتف " : "كنديكه و انواملين" , و كان إذ ذاك ببلاد قومه ب"وادان" فتوجه هو و أخوه "باحمد" إلى ذلك المكان و نزلا على الطالب مصطف القلاوي , و كان الطالب مصطف من علماء البلاد الذين طارت شهرتهم بالعلم و العمل به و لما لمس الطالب مصطف القلاوي في لمرابط سيدي محمود كفاءته العلمية و الدينية بعثه إلى إدوعيش , و ما لبث لمرابط أن اشتهر بالعلم و الورع و التقوى و الزهد ...)
و قد ظهرت أولى كراماته عند ما بعثه شيخه الطالب مصطف القلاوي إلى (لتام) في "لبراكنه" ليردوا له بقر قريته الذي نهبوه قبل ذلك , و قيل إنه توجه إليهم و هو يلبس مرقعته التي أصبحت علما له ( بو درباله) و بيده قنطرة وضوء صغيرة تـُعرَف باسم "اصطيلت لمرابط سيدي محمود" أو "اصطيلت الطالب مصطف" حسب رواية أخرى , و هي ضرب مثل في خرق العادة و التسخير .
و عندما وصل إلى "لتام" في البراكنه و طلب منهم رد البقر استهزؤوا به و تعجبوا من مجيئه و كيف ظن أنهم سيردون له غنيمتهم , و عندما تأكد من رفضهم لمطلبه أراد أن يــُظهر لهم خصوصيته , و قال لهم إذا كنتم لا توافقون على إعطائي بقر شيخي فإني أرجو منكم أن تملؤا لي قنطرتي هذه لبنا لأتزود بها في طريق عودتي ! فقالوا : سمعا و طاعة ! و جاؤوا بلبن كاف في الظاهر فأفرغوه فيها فلم يبلغ إلا قعرها فتنادوا عليها من كل أنحاء الحي كل يأتي بجميع ما لديه من لبن فيـُفرغ فيها و هي لا تزيد على ما كانت عليه ! فعند ذلك دهشوا لهيأته و قال له رئيسهم : "إني أحب أن أرد البقر معك , و لكن كيف لي بذلك و قد تفرق بين الناس و تصرفوا فيه حسب أغراضهم المختلفة من بيع و هبة "؟ فقال لمرابط : "ما عليك في ذلك ! إنما عليك أن ترفع يدك و سلطانك عنه "! فقال له : إني أشهد الله أني برئ من هذا البقر, و عند ذلك نادى لمرابط :"يا بقر الطالب مصطف يناديك بو درباله" فلم يبق منه باقية إلا و اجتمعت عليه و سار به إلى شيخه, و افتقد منه تبيعا واحدا خلفه الهزال جاء وحده فسموه ( آقر) و صار بعد ذلك فحل ضراب يمتاز نسله بالجودة.
و لما ظهرت خوارق لمرابط و كرامته انهالت عليه الناس و التفت حوله مجموعات كثيرة من مختلف القبائل , وأهمهم قبيلة تقده بعد نفصالها من قبيلة ادوعيش .
و قد خلف لمرابط سيدس محمود أربعة أبناء هم :
عبد الله بن سيدي محمود ( النهاه )
محمد الراظي بن سيدي محمود
سيد أحمد بن سيدي محمود
المختار بن سيدي محمود
و قد توفي رحمه الله و دفن في "واد البركه" و قبره مشهور ب"تكانت"
المصدر:
نقلا عن موريتانيا عبر العصور 2/117-118 بتصرف يسير